[[ إضاءة على الطفل الذي سمّاه الله تعالى ، وكانت أمّه عاقرا وأبوه عجوزا ]] *** قال الله تعالى : { يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً } *** وقال تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ} آل عمران: 39. <><><> قال ابن كثير رحمه الله أن زكريا عليه السلام كان نجّاراً يعمل بيده،ويأكل من كسبها. *** فعن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان زكريا نجاراً)). رواه الإمام أحمد ، ورواه ايضا الإمام مسلم وابن ماجه ، ولكن عن صحابي آخر هو حماد بن سلمة . <(##)> فلما بشّر زكريا بالولد ، وتحقّق البشارة ، شرع يستعلم على وجه التعجّب وجود الولد!! <(***)> { قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً} أي: كيف يوجد ولد لشيخ كبير. . قيل: كان عمره إذ ذاك 77 سنة، والله أعلم أنه كان أسن من ذلك،، { وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً} يعني: وقد كانت امرأتي في حال شبابها عاقرا لا تلد والله أعلم، كما قال الخليل: {أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ}الحجر:54 <(***)> وقالت سارة {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} هود: 72-73 .وهكذا أجيب زكريا عليه السلام، قال له الملك الذي يوحي إليه بأمر ربه : <(***)> {كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} أي: هذا سهل يسير عليه {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} أي: قدرته أوجدتك بعد أن لم تكن شيئاً مذكوراً، أفلا يوجد منك ولدا وإن كنت شيخا. <(***)> وقال تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}الأنبياء90 ومعنى إصلاح زوجته أنها كانت لا تحيض فحاضت .. <(***)> {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} أي: علامة على وقت الحمل بهذا الولد المبشّر به. <(***)> {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} أي علامة ذلك أن يعتريك سكوت لا تنطق معه ثلاثة أيام إلا رمزاً .. وأمر بكثرة الذكر في هذه الحال بالقلب، واستحضار ذلك بفؤاده بالعشي والإبكار،،، حيث اعتقل لسانه من غير مرض،،، فكان يقرأ ويسبّح ، ولكن لا يستطيع الكلام مع أحد.. (()) فلما بشّر بهذه البشارة خرج مسرورا بها على قومه من محرابه. <(***)> وبعد وصول البشارة الإلهية ، أي ولادة الإبن المبارك، والمسمّى (يَحْيَى) من ربّ العالمين، والذي علّمه الله الكتاب والحكمة منذ صغره ، أي في حال صباه. *** قال تعالى:{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} .. <(***)> ونقل عبد الله بن المبارك حادثة عن يَحْيَى وواصفا طفولته : قال الصبيان ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب : <><> فقال لهم : (( ما للّعب خلقنا )) . *** وأما قوله: {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً}. <(***)> سلّم الله على يحيى في كل موطن من هذه المواطن الثلاثة (الولادة والموت والنشور) لأن هذه الأوقات الثلاثة هي أشقّ وأشد ما تكون على الإنسان .. <><> فإنه في كل منها >> ينتقل من عالم إلى عالم آخر ، >> فيفقد الأول بعد ما كان ألفه وعرفه ويصير إلى الآخر، >> ولا يدري ما بين يديه .. 1- ففي الموطن الأول : (( يستهلّ صارخاً إذا خرج من بين الأحشاء )) ، وفارق لينها وضمها، وينتقل إلى هذه الدار ليكابد همومها وغمّها.. 2- وفي الموطن الثاني : (( إذا فارق هذه الدار وانتقل إلى عالم البرزخ )) ، ذلك العالم الفاصل بين دار الدنيا و دار القرار.. وصار بعد الدور والقصور إلى عرصة الأموات وسكّان القبور.. 3- وفي الموطن الثالث: (( النفخة في الصور ليوم البعث والنشور )) ، فمن مسرور ومحبور، ومن محزون ومثبور.. .................................................. .............................. ("") > ولقد أحسن بعض الشعراء حيث يقول: ==> ولدتك أمك باكياً مستصرخاً ** والناس حولك يضحكون سرورا ==> فأحرص لنفسك أن تكون إذا بكوا ** في يوم موتك ضاحكاً مسروراً ***************************************** <(###)> وذكر ابن كثير رحمه الله عن خيثمة انه قال: ==> كان النبي عيسى بن مريم والنبي يحيى بن زكريا عليهم السلام ، ابني خالة، <*> وكان عيسى يلبس الصوف، وكان يحيى يلبس الوبر، <*> ولم يكن لواحد منهما دينار ولا درهم، ولا عبد ولا أمة، <*> ولا مأوى يأويان إليه ، أين ما جائهما الليل أويا، <<=>> فلما أرادا أن يتفرّقا ===>> قال له يحيى: (( أوصني ))!! ===> قال عيسى : [ لا تغضب ]!! ===>> قال يحيى : (( لا أستطيع إلا أن أغضب )). ===> قال عيسى : [ لا تقتن مالاً ]!! ===>> قال يحيى : (( أما هذه فعسى )) . <(###)> وكان يحيى عليه السلام كثير الإنفراد من الناس، إنما كان يأنس إلى البراري، ويأكل من ورق الأشجار، ويرد ماء الأنهار، ويتغذى بالجراد في بعض الأحيان، ويقول: (( من أنعم منك يا يحيى ))!!. <(###)> وروى ابن عساكر عن النبي يحيى عليه السلام، أنه قال: (( إن أهل الجنّة لا ينامون للذّة ما هم فيه من النعيم، فكذا ينبغي للصدّيقين أن لا يناموا لما في قلوبهم من نعيم المحبّة لله عزّ وجل )). ونقل عنه بأن أبويه خرجا في طلبه، فوجداه عند بحيرة الأردن، فلما اجتمعا به ، أبكاهما بكاء شديدا لما هو فيه من العبادة والخوف من الله عزّ وجل. :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::: <(###)> ذكر الحسن البصري رحمه الله : " إن [يحيى ] و[عيسى] عليهما السلام إلتقيا ،،، ===> فقال عيسى ليحيى: (( إستغفر لي ،، أنت خير منّي )) ، ===> فردّ عليه يحيى : (( استغفر لي (أنت) ،، فأنت خير منّي )) !! ===> فقال له عيسى: (( أنت خير منّي ،، (لأنني أنا) سلّمت على نفسي ، و(أما أنت فقد) سلّم الله عليك ))!! فعرف والله فضلهما ". ################################# صلوات الله وسلامه عليهما ، وعلى كافة أنبياء الله ومرسليه ، وعلى حبيبنا ونبيّنا محمد سيّد ولد آدم الأوّلين منهم والآخرين ، وسيّد الأنبياء والمرسلين .. وتقبّلوا جميل تحياتي ،،،